الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة عرض "تميورث" على ركح قرطاج : ملحمة فنية خذلها الجمهور

نشر في  18 أوت 2015  (14:06)

موسيقى راوحت بين الآلات العصرية والتقليدية، أصوات جبلية قوية، لوحات راقصة متناسقة، شعر وحضور ركحي كلها مقومات هزت مدارج مسرح قرطاج الأثري في سهرة الاثنين 17 أوت معلنة انطلاق عرض "تميورث" أو "حين يكتمل القمر" للطاهر القيزاني.
العرض المتحصل على الجائزة الاولى في ايام قرطاج الموسيقية «تميورث» اخراج مروان الرياحي وموسيقى الطاهر القيزاني، واكبه جمهور قليل وربما يعود ذلك الى نقص الدعاية أو لأن العرض لم يقدم حصريا على ركح قرطاج حيث سبق وان شاهده الجمهور في مناسبات سابقة، وقد يكون تأجيل العرض في مناسبة أولى وراء هذا العزوف حيث كان من المزمع تقديمه يوم غرة أوت لكن ولاسباب مناخية تأجل الى سهرة 17 أوت.
مع حوالي الساعة العاشرة مساء اعتلى الطاهر القيزاني الركح مصحوبا ب10 مغنين وفرقته الموسيقية بلباس موحد شدّ الانتباه خاصة لما له من دلالات أمازيغية تحاكي قصة العرض، وترأس القيزاني مجموعته ممسكا بيده عصا شأنه شأن بقية أعضاء الفرقة، عصا تم توظيفها ايقاعيا بطريقة زادت العرض جمالية .
واعتمد عرض تميورث على موسيقى راوحت بين الشعبي والعصري .. بين الهدوء والصخب عذبة أحيانا وثائرة أحيانا أخرى ...هادئة تدفع المتفرج للرحيل الى عالم البادية والعرب الرحل وصاخبة توقضه من حلمه وتعيده الى ارض الواقع.. ملحمة موسيقية لم تعترف بحدود ولعل ما زادها ابهارا هي اللوحات الراقصة التي حاكت في مجملها قصة العرض فجاءت متناسقة تشكو لوعة العشق والفراق لتنتفض فجأة مع ارتفاع ايقاع الموسيقى..
"تميورث" قصة حب يتعلق بطلها بفتاة يلمح خيالها ليلة اكتمال القمر وتدور أحداثه في زمن غير الزمان ومكان غير المكان وتتداخل خلالها اﻷحاسيس الى أن يكتشف الفارس أن حبيبته من صنع خياله وقصته مجرد وهم.
وخلال قرابة الساعة ونصف تمكن الطاهر القيزاني ومخرج العمل مروان الرياحي من شدّ انتباه المشاهد ليس فقط من حيث جودة الكلمات التي صاغها الشاعر المولدي حسين واللحن وانما أيضا من ناحية اللوحات المقدمة حيث يخال المشاهد نفسه بصدد مشاهدة عمل مسرحي أحداثه متسارعة، وتتمحور جل أغاني العرض حول لوعة الفراق والعشق.
عرض تميورث كان متميزا على جميع المستويات حيث جمع بين القصة أو الخرافة وبين الموسيقى التي تمازج بين موروثنا الفني وبين ماهو معاصر وحديث كما لم تغب الفرجة والتشويق عن الركح..
ولعل ما نعيبه على عرض تميورث أنه كان حريا بالطاهر القيزاني ايلاء كلمات الاغاني نفس أهمية الموسيقى حيث طغت الموسيقى على العرض وهو ما حال دون التمتع بالكلمات .. من ناحية أخرى لا بد من الاشارة الى أن مخرج "تميورث" كان مطالبا بملء الفضاء أي الركح وعدم ترك مساحات شاغرة تزعج الابصار كما كان مطالبا بالاخذ بعين الاعتبار أن ركح قرطاج يختلف عن بقية المسارح ...
ومع نهاية العرض وتحت موجة من التصفيق والهتافات تقتحم الركح المرأة باللون الاحمر أو القمر في الأثناء تحاول بعض الاطياف ازاحتها واخفات بريقها لكنها تبقى شامخة شموخ تونس وصمودها..

سناء الماجري